يرتـفع حول هذا الإنسان جدار متيـن من الوحدة والعُزلة هو في الظاهر من صُنع يديه . أما ضمناً فالرجل في برج الجدي إنسان عاطفي يسعى لكسب الإعجاب بأي طريقة كانت لولا أن " زحل " الذي يتحكم في مصيره يُقيده بسلاسل من الجد والواقعية والهدوء وترويض النفس وغير ذلك من العوامل التي تـُصيبه بالكبت والتي يُحاول التحرر منها أحياناً بالمزاح الثـقيـل وأحياناً أخرى بالثورة المفاجئة إذا قلبناه رأساً على عقب وجدناه من الداخل إنساناً رقيقاً يحلم بالمغامرة والإثارة والثـناء وأمور أبسط كثيراً لا تتعدى الشمس والأزهار والموسيقى وغير ذلك . إن الأشخاص البعيدي النظر يعرفون أن له قلباً دافئاً يختبئ وراء طبيعته الزُحَـلية . ومع أنه يتظاهر دائماً بعدم الاهتمام بالآخرين أو بقلته إلا أنـّه يتوق إلى سماع كلمة إطراء أو تـلقي شهادة طيبة منهم . هذا الإنسان الجاد الحزيـن كالبوم في طفولته , يتحول تدريجياً وبالمساعدة إلى رجل يفيض شباباً وحيوية في الوقت الذي يبدو غيره من الشيوخ والعجائز , الأمر الذي يُسبب لزوجته بعض القـلق وهي التي لم تخف عليه في بداية عهدهما وبهذه المناسبة هناك بضعة أشياء على الزوجة أن تـُراعيها في حياتها معه : أولها علاقتها بأهله الذين لهم المكان الأول في بيته وقلبه . تلك العلاقـة يجب أن تقوم – من طرفها – على أساس الاحترام والاهتمام والرعاية وعدم التعرض لهم بكلمة نابية من قريب أو بعيد . الأمر الثاني هو عدم الإساءة إليه إساءة بالغة لأنه من نوع الرجال الذيـن يرفضون إعطاء الزوجة فرصة عن نفسها ويرفضون بالتالي الرجوع عن قراراتهم حتى لو شملت الطلاق . رجل برج الجدي يقع في الحب ويتزوج متأخراً نظراً إلى تعلقه ببيت ذويه وارتباطه بأفراد عائلته . يُضاف إلى هذا أنه حريص جداً في اختيار شريكة حياته . يختار من تـتمتع في الدرجة الأولى بغريزة الأمومة , ومن تستطيع البروز في المجتمع بالذكاء والأصالة ولياقة المظهر . بعد هذا كله يتطلع إلى الجمال وإن كان الجمال شرطاً غير أساسي بالنسبة إليه . لا بد هنا من نصيحة إلى التي يقع عليها الاختيار وهي أن تــُقدم له كهدية أولى كتاب شعر عاطفي أو أقوال في الحبّ لتعويده الإفصاح عن شعوره تجاهها , لأنه قليل التعبير عن العاطفة , يُؤمن بالأفعال لا بالأقوال . في البيت يبدو هذا الرجل في مركز السلطة دائماً . فهو يجلس إلى رأس المائدة , ويفرض على الجميع الطاعة والاحترام , ويسعى لتسيـير العائلة وفقاً لنظام معيـّن ولتقاليد معروفة . مقابل ذلك لا يتوانى عن التضحية بنفسه من أجل هناء زوجته وأولاده. غير أن أولاده – على الرغم من تقديرهم وإجلالهم له – يتألمون ضمناً بسبب بروده وجفائه الظاهريـن . إنّ علاج تلك المشكلة يقع على عاتـق الزوجة التي تستطيع دفعهم إلى تقبيله ومداعبته كما تستطيع إقناعه بأخذهم إلى أماكن الرياضة والتسلية حيث تـنهار بينهم الرسميات وتسود مكانها الألفة والصداقة . ومن الطريف أن هذا الرجل يتـبدل مع الوقت فيتحوّل من أب صارم إلى جدّ حنون يُـبالغ في تدليل أحفاده ويتقبل منهم المزاح والمداعبة اللذين كانا مًحرمّيـن على أولاده . مشكلة هذا الرجل مع زوجته أنه يبدو في الظاهر جافاً كئيباً يُمارس العاطفة كما لو أنها واجب لا أكثر . لكن حبه في الواقع يفوق حب أي رجل آخر لزوجته سواء في عمقه أو في استمراره . يكفي أن تعلم أنّ حرصه على إسعادها يُوازي حرصه على اختيارها . وأن الندم لا يُساوره قط ما لم توجد هي الأسباب .